بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ حقَّ حمدهِ والصلاةُ والسلامُ على خيرِ خلقهِ ؛ سيدنا محمد , وعلى آلهِ وصحابتهِ من بعدهِ , أمَّا بعدُ :
تساءَل بعضُ النَّاسِ فقالَ :
إنَّــا لنعلمُ أنَّ القرآنَ قدْ نزلَ على قلبِ النبي صلَّى اللَّه عليه وآلهِ وسلَّمَ مفَرَّقـاً حسب المناسبات على ثلاثٍ وعشرين سنة , ولكنَّ هذا القول يعارض ما ورد في قوله تعالى :
" إنَّـا أنزلنَاهُ – أي القرآن – في ليلةِ القَدْرِ " القدر / 1
وقوله تعالى :
" إنَّـا أنزلنَاهُ – أي القرآن – في ليلةِ مباركةٍ – أي ليلة القدر - إنَّـا كنَّـا منزلينَ "الدخان /3
فما تفسير ذلك وما تعليله ؟
والجواب :
أن السمواتِ سبعٌ , وأن في السماء السابعة ؛وهي أعلاهنَّ , اللوح المحفوظ ؛ وهو عالمٌ علويٌّ عظيمٌ يختصُّ بكونه مشتملاً على تسجيل ما قضى الله تعالى وقدر ما كان وما سيكون , وأن في السماء الدنيا ؛ وهي أدناهنَّ , بيت العزة , وإن للقرآن في نزوله ثلاثُ تنزُّلاتٍ :
فأوَّل تنزل للقرآن كان إلى اللوح المحفوظ
قال تعالى :
" بل هو قرآنٌ مجيدٌ في لوحٍ محفوظٍ " البروج /21-22
والتنزل الثاني : هو تنزله من اللوح المحفوظ في السماء السابعة إلى بيت العزة في السماء الدنيا جملــةً واحــدةً في ليلة القدر في شهر رمضان .قال تعالى :
"شهر رمضان الذي أُنزلَ فيهِ القرآن هدىً للنَّـاس وبـيِّــنّــاتٍ من الهدى والفرقان "
البقرة /185
وقال تعالى :
" إنَّـا أنزلنَاهُ – أي القرآن – في ليلةِ مباركةٍ – أي ليلة القدر- إنَّـا كنَّـا منزلينَ "الدخان /3
وقال تعالى :
" إنَّـا أنزلنَاهُ – أي القرآن – في ليلةِ القَدْرِ " القدر / 1
وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لمَّــا سُئلَ عن ذلك :
( إنه - أي القرآن – أنزل في رمضان في ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة ثمَّ أنزل على مواقع النجوم ترتيلاً في الشهور والأيَّـــام ) رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه –تفسير ابن كثير- وفيه تصحيف.
والتنزل الثالث :تنزله على قلب النبي صلَّى اللَّه عليه وآلهِ وسلَّمَ منَّــجماً أي مفَرَّقـاً حسب المناسبات على ثلاثٍ وعشرين سنة أو بعبارة أدق : على اثنين وعشرين سنة وشهرين واثنين وعشرين يوماً , وهذا قول أكثر العلماء.
والخلاصــــــــة :
أنزل القرآن على ثلاث تنزلات :
الأول : تنزله إلى اللوح المحفوظ..
والثاني : تنزله منه إلى بيت العزة في السماء الدنيا جملة واحدة في ليلة القدر في رمضان.
والثالث : تنزله على قلب النبي صلَّى اللَّه عليه وآلهِ وسلَّمَ منَّــجماً أي مفَرَّقـاً حسب المناسبات على ثلاثٍ وعشرين سنة.
والله تعالى أعلم وأحكم وصلى الله على رسول الله والحمد لله رب العالمين.