ليلةُ القَدْرِ وسرُّ إخفائها
إنَّ في رمضانَ ليلةٌ مباركةٌ , ليلةٌ يسحُّ فيها الخير سحَّاً وتفتح فيها أبواب السماء , ويسمع فيها الدعاء وتهبط ملائكة الرحمة إلى الأرض تصلي وتسلم على كل ذاكر قانت منيب , قد طهر قلبه من دنس الغفلات , ونقَّى نفسه من أوضار الأغيار وأشعل فيه مصباح الهدى والرشاد , تلك الليلة هي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ؛ روت عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجاور – يعتكف – في العشر الأواخر من رمضان ويقول (( تحرُّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ))
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )) ولا حظ قوله : "إيماناً واحتساباً " لا تقليداً ولا عادةً..!
وقد أخفيَت علينا ولعل في ذلك سر ما , قال الفخر الرازي في تفسيره :
" وأخفاها تعالى كما أخفى سائر الأشياء , فإنَّه أخفى رضاه في طاعته حتى يرغب عباده في الكل , وأخفى غضبه في المعاصي ليحترزوا عن الكل , وأخفى الإجابة في الدعاء ليبالغوا في الدعوات فكذا أخفى هذه الليلة ليعظموا جميع ليالي رمضان , فان العبد إذا لم يتيقن ليلة القدر أي ليلة هي , فانه يجتهد في الطاعة في جميع ليالي رمضان على رجاء انه ربما كانت هذه الليلة هي ليلة القدر " انتهى كلامه.
ولليلة القدر علامات ومنها :
أنها ليلة صافية بلجة كأن فيها قمراً ساطعاً ساكنةٌ ساجيةٌ لا بردَ فيها ولا حر , ولا يُرمى فيها بكوكب , ومن أمَاراتها أن الشمس في صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر.