بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم سيدنا محمد الداعي إلى دين قويم والهادي إلى صراط مستقيم وعلى سائر النبيين وآل كل وسائر الصالحين وبعد :
نرى في التشريعات الدنيوية قانونا أم قضاء جانبين تتسم بأحدهما دائما " :
إما أن تتسم بالواقعية البحتة المؤدية لإهمال الأخلاق والمبادئ المؤدية للمثالية
أو أن تتسم بالمثالية البحتة التي لا يمكن تطبيقها.
أما في التشريع السماوي المتمثل بالتشريع الإسلامي فانك تجد أن من سماته :
الواقعية والمثالية التي هي طريقا لبناء الإنسان ...بناء الحضارة الحقيقية.
(( فقد خلق الله تعالى الإنسان وركز فيه عدة غرائز كلها ضرورية لبقائه وحفظ نوعه
فالواقعية في التشريع الإسلامي تتجلى في الاستجابة لما تتطلبه هذه الغرائز فلم يهمل أية حاجة من حاجات الإنسان الضرورية .
وأما المثالية في التشريع الإسلامي فتتجلى في نوعية الاستجابة وطريقة ممارسة هذه القوى الداعمة وربطها بمثل أعلى تحقق للفرد والمجتمع الكرامة الإنسانية وانك لتجد كلا من الواقعية والمثالية معا في التشريعات التالية :
1- اعتراف التشريع الإسلامي بكل من ( حق الفرد) و (حق المجتمع)
فتتجلى الواقعية في الاعتراف بهما وعدم إهدار أي منهما لأن الواقع يقول :
إن هناك أفرادا لكل منهم مصلحة ذاتية مستقلة وان هناك مجتمعا له مصلحة عامة مستقلة عن المصالح الفدية وإنكار أي منهما تجاهل لمكونات الدافع وإنكار له.
وتتجلى المثالية في إن الإسلام قد قدم مصلحة المجتمع على مصلحة الفرد بالتعويض العادل على الضرر الذي لحق به.فلو أنك تملك دارا و احتاج المجتمع إلى هذه الدار لتكون طريقا عاما للناس قدمت مصلحة المجتمع على مصلحتك وأخذت منك الدار ولكن يدفع لك ثمن الدار المناسب.
2-الزواج :
تبدو واقعية التشريع الإسلامي في تقريره للزواج استجابة لحاجة أساسية من حاجات الإنسان إلي تضمن بقاء نوعه وتبدو مثاليته في الارتفاع بعقد الزواج إلى المستوى الإنساني اللائق الذي يحقق كرامة الإنسان وعزته وشرفه وذلك عن طريق تشريعات وإحكام قيد الزواج بها ليلتزم بها كل من الزوجين قبل الزواج وفي أثنائه وبعد حل عقد الزواج.
3- الأمر بالعدل والإحسان : تبدو الواقعية في تقرير مبدأ العدل و ( العدل : أن يتقاضى كل ذي حق حقه كاملا ).
وتبدو المثالية في تقرير مبدأ الإحسان و ( الإحسان : إن يتنازل صاحب الحق عن حقه كلا أو بعضا ).
ففي المعاملات المالية : إن يتقاضى صاحب الدين دينه عدل (واقعية) وان يتنازل عن دينه إحسان ( مثالية). قال تعالى << وان كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون >>
وأيضا من التشريعات : مبدأ الحرية)).
وبعد هذا العرض – إخواني – ندرك تماما إن الإسلام قد ساد لأنه عرف مكنونات من يطبق عليهم تشريعه وبهذا نتيقن تماما انه من عند خالق هذه الأكوان وهذا الإنسان الذي عرفه فأنزل له تشريعا يحفظه ومصالحه وإذا عمل به و طبقه فله السعادة في الدنيا والآخرة وهو ملاذ كل مسلم ورد واضح وجلي على ببغاوات الغرب وأذنابهم من أبناء جلدتنا .
هذا والله تعالى أعلم وصلى الله على رسول الله والحمد لله رب العالمين.