بسم الله الرحمن الرحيم
مأساة غدير
إعداد
حمد بن سليمان اليحيى
أحمدُ الله وأُثني عليه بما هو أهل ، وأُصلي وأُسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً ..
أما بعد :
(مأساة غدير ) ..
حديثٌ إلى صفحة من صفحات حياتنا .. ونبضةٍ من نبضات قلوبنا .. وقطرة من قطرات دمائنا .. حديث إلى الجوهرة المصونة .. واللؤلؤة المكنونة .. والدرة الثمينة .. والياقوته الغالية .. والغصن الزاكي الفواح إنها حفيدة عائشة وصفية .. وسُطِّرتْ من أجلهنَّ هذه الصفحات .. لتحمل كتاباً جديداً إلى الفتاة المسلمة ..
( غدير ) قصةُ فتاة عاشت الضنك والكآبة والكدر فقد كانت تخرج للسوق وحدها لتبهر بجمالها الزائف العيون الشاردة والقلوب الحائرة لتسقط فريسةً سهلةً لشاب معاكس يُخطط لوأد عفتها وقتل شرفها ، ولكن كُتب لها النجاة بأعجوبة ...
كانت تعيش مع سماعة الهاتف الساعات الطويلة مع فتاة أحبتها وأُعجبت بخفة دمها وملاحة ظاهرها ليتطور وحل المعصية إلى اقتناء طبق فضائي ( دش ) في غرفتها الخاصة لتنتقل عبر ( الريموت كنترول ) من قناة لقناة أخرى العربية منها والأعجمية سهَّل ذلك الصحبة السيئة المزلق الخطر والهاوية المؤلمة .. كيف لا !! وهي تتابع عبر الفضائيات الأوربية والفرنسية ودول الشرق والغرب الانحطاط الخلقي عبر الأغاني الساقطة والأفلام الآثمة !! والسهرات المثيرة !! والقصص المدبلجة !! قد استولى عليها ( الفراغ ) الذي حرَّك الشهوات من مكامنها ودفع الخطرات إلى خطواتٍ وعمل .. فغدت الشهوةُ تسوقُها .. والشيطانُ يقُودُها .. والأغنيةُ تُنسيها والصورةُ تأججُ شهوتها .. وتشغلُ غرائزها .. لتفقد من حياتها الشمعةُ المضيئة (( الصلاة )) فقد كانت بدايةً تؤخرها عن وقتها ليتطورَ الأمر إلى أن أصبحتْ تُصلي أحياناً بل اكتفتْ بالصلاة في المناسبات أمام العائلة والأقارب لتقع في المصيبة العظمى أن أهملتها وتركتها بالكلية وذلك بسب شدة غرقها في بحر المعصية المتلاطم .
ما أمانيها ؟ ما أهدافها ؟ ما مشاعرها ؟؟
ما آمالها ؟ مل كان لها هدف في حياتها ؟؟
لا أظن ذلك إلا إهدار الطاقات وقتل الأفكار والآمال كم كانت غافلةً عن قول الله تعالى ((فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ))
والعاقلة لا تقدم الفانية على الباقية قال تعالى ((وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ))
( غدير ) صفحةٌ من صفحات فتياتنا .. وورقةٌ من أوراق بناتنا .. ونبضة من نبضات قلوبنا ..
في اتصال هاتفي قالت لي : السلام عليكم ورحمة الله ...
أنا (( غدير )) أأنت فلان ؟
قلت : نعم , ماذا تريدين ؟
قالت : من الممكن أن اعرض عليك مشكلتي ...؟
قلت لها : عفوا , ما نوع المشكلة زوجية أم عاطفية ؟؟
قالت : بل عاطفية . ومن مدة قريبة جدا ..
قلت لها : أرجو أن لا يكون زنا حماك الله ..
قالت : هو يريد ذلك لكن لم يحصل ..
قلت لها : أحمدي الله , ما تزالين في برِّ الأمان ..
فانفجرتْ باكيةً بصوتٍ مشوبٍ بنحيبٍ قد لا أ بالغ أنه استمر أكثر من دقيقتين لم تستطيع أن تتحدث من البكاء ، فعبراتها أخرست عباراتها .. هوَّنتُ عليها قليلاً فردت عليَّ باكيةً انه يهددني .... انه يهددني ... بالصورة والرسالة والهدية ...
سألتها هل لديك ( بريداً إلكترونياً ) فأجابت : نعم فطلبتُ منها أن تكتب قصتها كاملة وترسلها عبر بريدي هذا .. وسيكون خيراً إن شاء الله .. وبعد ساعات معدودة وجدت أوراق قصتها قد وصلت تبعاً وقد تجاوزت الخامسةَ عشرَ صفحة ، فكان مما كتبته في رسالتها
( أنا فتاة في ريعان شبابي ابلغُ من العمر عشرين عاماً ثاني جامعة , خرجت مع السائق لأنزل السوق وحدي بعباءة قد شمرتها عن ساعدي من فوق بنطال يظهر جلياً عند مشيتي كنت منتقبة .. عفواً بل متلثمة , يفوحُ العطرُ ويتحركُ معي دخلتُ أكثر المحلات لمناسبة ودون مناسبة لأدخل محلاً منها فإذ بشابٍ خفيفِ الظل , جميل الطلعة , مؤهلاته الأناقة والوسامة حسب ظني وجهلي , تحدثت معه بصوت متكسر وضحكة بل ضحكات مهزومة نشأتْ بيني وبينة علاقة كانت الباب رقم هاتف جوالي ورقم هاتف غرفتي الخاصة وهدية مناسبة للتعرَّف مع إيميلي عدتُ للمنزل لأستقرَّ في غرفتي قد ألقيتُ بجسدي المتعب بوحل المعصية وشؤم الخطيئة على فراشي لأعيشَ أحلاماً رومانسيةً بي في فتى أحلامي القادم ..
وفجاة .. إذْ بجرس الهاتف الخاص بي في غرفتي يناديني تحسست بيدي المرتعشة هاتفي لأرفع سماعته من ؟ إنَّه صوت ( معاذ ) صاحب المحل فتى أحلامي بل فتى همومي وآلامي يسألني عن رأيي في الهدية وهل أعجبتني ؟ وعندي غيرها فاطلبي ولك ما تريدين تعرق جبيني .. وخفق قلبي بالخوف على هذه الجرأة منه ومني . قد استولى كلامه وعباراته على عقلي وقلبي .. أغلق وأغلقتُ السماعة بعد أن تمَّ التعارف ...
لا أطيل عليك.. جلستُ كعادتي على جهاز الكمبيوتر الإنترنت أسبح في فضائه الواسع الساحر كيف وأنا المدمنة للشات والماسنجر لأجل التسلية وقضاء الفراغ مع زميلاتي وصديقاتي .
وفجأة رأيتُ اسم ( معاذ ) صاحب المحل يريدني لإضافته فوافقتُ وبسرورٍ بالغٍ ودارَ بيني وبينه حديثٌ كتابي أخذ بعقلي وعواطفي ، كم كنتُ أعاني من اضطربات نفسية عند تأخره في خروجه على الماسنجر بل كنتُ اتصلُ به مراراً وتكراراً أنْ يظهر على ( الشات ) ولن أكتمكَ أنَّي أمضيتُ معه مرة أكثر من ساعتين عبر الانترنت استطاع أن يخدرني
بصوره القاتلة ...
ومواقعه الإباحية ...
وقصصه الجنسية ..
وفي لحظة .. طلب مني أن أراه عبر ( الكاميرا ) في جهاز الكمبيوتر فوافقت وياليتني لم أوافق ولك أن تتخيل ماذا رأيتُ !!!! تفاصيل أخلاقية مؤسفة طلب خلالها مني الرؤيا فترددتُ كثيراً لكن أخذتُ الكاميرا بيدٍ مرتعشةٍ ليراني مدة دقيقة أو أقل لأغلق الجهاز بأكمله وأنا في غاية الإرتباك والخوف ماذا فعلت ؟؟ وكيف حصل ذلك ؟؟؟
رنَّ الهاتفُ مراتٍ عديدة لم أستطع أن أرد لكن وبعد ساعات اتصلتُ أنا وحين سمع صوتي وأني المتصلة أيقن أنني وقعت في الفخ والمصيدة فطالبني بالرؤيا واللقاء ..
( وأنَّ اللثام وإنْ كان رائعاً ولون عدسة عيناي فاتن وفريد لكن بعد أن رأني عبر الكاميرا فالخيال أزدان جمالاً ورونقاً بدون غطاء ولثام وأنه حرام عليّ إخفاء هذا الجمال ) .. طالبني باللقاء فرددتُ : كيف ؟؟ ومتى ؟؟ ولماذا ؟؟ فأنا أخاف من أهلي وكأنه الأمل الوحيد في حياتي .. أغلقت السماعة وأنا في غاية الإرتباك لهذا الطلب هل أحققه أم أمانع ؟ فما تزال صورته في المحل مرسومة في مخيلتي وصوته يدوي في أذني ، وأنه وعدني بلقاء ورؤية فقط فكرت كثيراً ماذا أفعل ؟ اتصلت بـ ( أسماء ) زميلتي في الجامعة وكانت ملتزمة فقالت :
لا تصدقية إنِّه كذاب , إنِّه ذئبٌ بشري لا تغتري بما يقول فرددتُ عليها إنِّه جميلٌ ... إنِّه وسيمٌ ... إنِّه أنيقٌ ... حسن الهندام ... وبيني وبينه محادثات كتابية ...
ردت علي أسماء لو كان صادقاً لفاتح أهلك بالزواج منك احذري واحذري وإياك !! أغلقتُ السماعة منها حائرةً مترددةً لأتصل بسرعة وعجل بـ ( نورة ) وكانتْ مثلي فأشارت عليّ وبئس المشورة أن أتنازل له بصورة مع رسالةٍ جميلةٍ عبر البريد الإلكتروني ودعِ عنكِ الخوف والتردد ثم كونه قد شاهدك في الكاميرا فقد حفظ الصورة بالتأكيد فتجاوبي معه ولا تكوني معقدةً فاشلةً ففعلتُ ذلك فبادر بالاتصال شاكراً هديتي وهذه نهاية استشارة الزميلة السيئة رنَّ الهاتف الخاص بي فدق قلبي لرنينه إنِّه هو لكن قد تغير صوته ونبرة حديثه معي يهددني بأن أخرج معه و إلا الفضيحة بهذه الصورة وقبل ذلك المحادثات الصوتية والكتابية عبر الماسنجر الذي سجله علىَّ حين الحديث معه لي وأرسل ليّ مقطعاً منه ليتقطع قلبي ألماً وحسرة آهٍ .. كيف أعطيتُه الطعمَ الذي اصطادني به ، وهذه نهاية حجاب الموضة وأصول الإتيكيت المزعوم ..
هنا ... اتصلتْ عليَّ الفتاة مرة أخرى تسأل عن وصول أوراقها واطلاعي عليها ، كانت تتكلم بصوت منقطع ودموعٍ لا تجف .. وأني أعترف بالخطأ لكن ما العمل ؟ وماذا أصنع ؟ فقد كبرت المشكلة هونتُ عليها قليلاً .
وقلتُ لها : إنْ خرجت معه فستركبان بحر الزنا ومقدماته لا محالة على قارب اللذة المحرمة يسوقها الذئب بمجداف الشهوة الحيوانية وحينئذٍ ينقلب القارب بأمواج الرَّذيلة والمعصية لتسقط مجاديف الحب المزعوم بقتل أعز ما تملكين عفتك وشرفك بعد أن يلطخ عرضك وسمعتك ووقارك بهذه الجريمة المحرمة .. لتعودين باكية حزينة إن عدت ، والعود بعيد بل أبعد ، وإن خرجت معه فسيشهر خنجر الذل والعار عليك فيغرسه في قلبك وسيحمل العار أنتِ وحدكِ فاحذري أن تتجرعي ألم اللذة المحرمة ...
بكت ( غدير ) وهي تردد : ماذا أفعل ؟ ومن يكفيني شرَّه ؟
فأنا مخطئة ودمعتي وبكائي دليل توبتي والله إني تائبة !!!
قلت لها : عليك بباب لا يغلق في وجه من قصده !!!
قالت : من ؟؟ عجل ... تكلم ؟؟؟
قلت : الله من خلقكِ وهو اعرفُ بك هل نسيتِ ؟؟
الآن توضئي واتجهي إلى سجادتكِ والبسي ثوب الصلاة وكبري واقرأي واركعي واسجدي وناجي الله فدمعةُ حزنٍ وتألمٌ على ما فات في جنب الله , ودمعةُ فرحٍ وسمو وأُنسٍ من سعة رحمة الله فمهما بلغت الذنوب والمصائب فليس لها إلا الله عز وجل ...
قلت لها : أختي والله مازلتِ في برِّ الأمان ..
فكونهُ يهُددكِ برسائل الماسنجر فهي لا تعدو رسائل تُحفظ في شكل مفكرة قابلة للنقص والزيادة . أما كونه حفظ صورتك حين خروجك في الكاميرا فلا أُظن ذلك لأن تجهيز الحفظ يحتاج لوقت ومدة دقيقة فأقل في رؤيته لك غير كافية لتشغيل البرنامج للحفظ والتسجيل فلا تخافي مع أنها ليست دقيقة في الوضوح ولو كان يهددك بذلك فلن يفعل .. أما الصورةُ التي أرسلتيها فهنا المشكلة لكن حلها سهلٌ ويسير جداً فبحكم ما أرسلتي لي عبر بريدي الإلكتروني فهي لا تعدو صورة لك منذ 3 سنوات وأنتي أرسلتيها مصغرةً بدرجة لا تقبل التكبير أبداً وأن فعل فأراد تكبيرها فستضيع معالمها فلا تخافي وكوني صادقة وكم أتمنى من كل فتاة أن تسارع في حل المشاكل دون انتظار وتسويف , وأن من تورطتْ أن لا تُبالغ في الخطأ والزلل وأن لا تتنازل أكثر بحجة إيجاد الحل ...
هنا .. فرحت (غدير) جداً بهذا الكلام فأعلنتها توبة وعودة إلى الله عز وجل لتعيش حياة جديدة رائعة بالهداية والتخلص من صديقتها السيئة أولاً وللأبد مع إلغاء رقمي الجوال والثابت الخاص ثم بالطلاق البائن من وحل الإنترنت وجحيم حجاب الموضة ولظى أصول الإتيكيت
أختي الكريمة ... ( غدير ) ما الدافع الذي جعلها تقع ضحية الهم المؤلم ؟؟ والفضيحة القاتلة ؟؟ فعاشت في أرقٍ وقلقٍ دائم فهمومٌ متراكمة يجر بعضها بعضاً .. فقلوب فتياتنا هي الصفحات البيضاء الجميلة التي تخاف عليها من كل شيء حتى من نفسها وقلوب نسائنا هي قلوب الأمهات الأكثر حناناً والأغزر عاطفة .. وكأنَّ سلسلةً من الآلام القاسية محفوفة بالمخاطر والحقد الدفين من أعداء الأمة وُضِعتْ أمام طريق كل فتاة لتقع فريسةً سهلةً للشيطان حين عثرت قدمها في وحل المعصية فعاشت التقليد الأعمى والتبعية المقيته .. قد خابتْ آمالُها وظنونها وكأنَّ أشواك المعصية أعاقَ حياتها ودروب َ نجاحها .. فالزنا لا يقع فجأة بل له مقدماتُ وارهاصات ُ وأشد ذلك الشبكة العنكبوتية والتبرج والسفور كل ذلك حماية ً للفتاة والمرأة من وحل المعصية وذل الخطيئة وشؤمها ليحذرها من الزنا بأقوى عبارة وأقصرها ... قال تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) أي طريقاً ومنهجاً .. فما للفتاة غفلت عن التأمل والتفكير وكان واجباً عليها أن تكون أكثر وعياً وفهماً لما يراد بها ، فجمالُها ورقتُها وقوامتُها وعذوبةُ صوتها وشفافيةُ مشاعرها أبواب سهلة للدخول منها لأي شيء لقتلها وذبحها في أشرف ما تملك وتتميز به ألا وهو عفتها وعفافها .
أختي الغالية ...
لا تصدقي من خلف هذه الشاشة فليس كل ذو ملمس ناعم حرير .. وليس كل من لبس نظارة سوداء ضرير ..
لا تصدقي الكلام المعسول لأنك تعرفين المطلوب والهدف ..
لا تصدقي كل ابتسامة فالذئب يبحث عن حمامة ..
لا تصدقي من قال أريد الزواج فقد كسر الزجاج ..
لا تصدقي صاحب الحاجة فهو ينظر إليك بسذاجة ..!!
كوني فتاةً من الصحوة ولا تكوني فتاةً تبحث عن نزوة !!
كوني على حذر من المنتديات ورسائل الماسنجر والشات ..
كوني عفيفةً طاهرةً لكي لا تكوني قبيحةً عاهرة ..!!
أختي الكريمة .. شدني في قصة ( غدير ) السابقة أنَّها تعشق الرومانسية التي لها تجتمع آلاف الخفقات من قلوب الفتيات فكم ينشرح فؤاد المرأة لذكريات هادئة من حياتها ..
( لُبْنى ) ذات التسعة عشر ربيعاً تقول :
(الرومانسية هي حياتي الخالية من الخيانة والكراهية والحقد بين أحبابي وأصحابي ومن أجلس معهم فالقلوب تنبض بالحب والعاطفة المتدفقة .. ) .. وصفٌ جميل من فتاة تعايش الرومانسية بنظرتها وحينئذ لن نتجاهل أبداً أنَّ الرومانسية متواجدة في قلوب الرقيقات ذوات المشاعر العذبة اللاتي أدمنَّ حكايات قصص رومانسية ( روميو وجوليت .. وقيس وليلى ) والعادة والهناء لكل من ولد في برج الرومانسي (الجدي) .. لتبدأ سلسلة التعلق بالأبراج والحظوظ والتنجيم وقراءة الكف الخلل العقدي الخطير ...
أختي الكريمة ..
قتلتْ الأفلام الرومانسية الحقيقةَ الغائبةَ في حياة الفتيات فالشعورُ بالفرح ارتبط بالأغنية واللقطة والمشهد والقصة والمعالجة الدرامية بينما الواقع يشهد بخلاف ذلك ، فالجوارحُ لله .. وما ينتج عنها يجب أن يُعَّبدْ له ويكون في طاعته أمَّا السكوتُ وغضُ الطرف عن هذه الحقيقة فمعناه عظم المشكلة وسوء التصرف فمنْ المحزن المؤسف أنْ تعيش المرأة الرومانسية المزعومة التي جسدتها الأفلام لتبكي وتتأثر وتعيش الحبَ المزيف والمشاعر الكاذبة في وحل المعصية والخطيئة عبر الوردةِ الحمراء والهديةِ المغلفة والكلمة الحانية نعم الرومانسية قتلت العلاقة الزوجية وبثت الفرقة بينهما كيف لا ؟؟! وهاهي الأفلام المكسيكية والأسبانية الرومانسية المدبلجة تعرض في دقائقها الدعوة الصريحة للعشق والزنا واتخاذ الصديق فضلاً عن الملابس الفاضحة والقبلات المحرَّمة والتصرفات المؤسفة ليعظُم الأمر في مشاهدة غير المتزوجة التي عرفت بالحياء والعفاف أكثر من غيرها ..
فمن الفتيات من تقرأ عشرات قصص الحب وتتابع أفلامه وتحفظ قصائده وتنتظر بعد ذلك وبشغفٍ بالغ فارسَ أحلامها الرومانسي ..
( غدير ) تقول وبكل صراحة :
(مأساتي .. يوم أنْ أدمنتُ رؤية أفلام الحب بشكل محزن مؤسف ونسيت أن جمال الفلم قبح وخدش للحياء وخروج عن تعاليم الدين ، وكأنَّي جسدٌ بلا روح .. بسبب الرومانسية رميتُ حبي ومشاعري في صدر رجل غريب لا أعرفه ولا أدري من هو ؟ تعرفت عليه عن طريق الإنترنت فسحرني بضحكته .. وكلماته .. ووعوده .. وأسلوبه .. وأشد ذلك مواقعه الإباحية .. وصوره الجنسية .... )
الرومانسية .. تطبّعٌ لأخلاقيات الفتاة والمرأة في محبتها ومشاعرها وتصرفاتها فعاشتْ في بُعدٍ عن الإيمان والطاعة فأصبحتْ بلا هدفٍ سلوكي وديني ..
مرَّ عبدُالرَّحمن بنُ أبي بكر الصديق بدمشق بليلى الجودي ومعها وصيفتها فأُعجبَ بحسنها وجمالها ولم يعرف كيف السبيل إليها فكتب عمر بن الخطاب إلى صاحب الثغر إذا فتح الله عليكم دمشق فقد غنمتُ عبدالرَّحمن بن أبي بكر (ليلى) فلما فتح الله دمشق عنَّموه إياها .
قالت عائشة : فكنتُ أكلمه فيما يصنع بها فيقول : يا أخية دعيني فوالله لكأني أرشف من ثنايها حبَ الرَّمان . ثمَّ ملَّها وهانت عليه فكنتُ أكلمه فيما يُسيء إليها كما كنتُ أكلمه في الإحسان إليها وقد قالت عائشة لأخيها عبدالرحمن : لقد أحببت ليلى فأفرطتْ وأبغضتها فأفرطتْ فإمَّا أن تنصفها وإمَّا أنْ تجهزها إلى بيت أهلها ..!!
أختي العزيزة ..
بكل شفافيةٍ ووضوح هل تقبلين بزواج كان الطريق له تعارف عبر الماسنجر ورسائل البريد الإلكتروني وحينئذٍ لكِ أن تتخيلي نفسكِ بعد سنةٍ من الزواج والإرتباط وقد أصبحتِ أماً وملكةٍ في بيتكِ هل يسعدك أنْ تلتفتي إلى ماضيكِ لتجديه ملطخاً بهذهِ الأعمال التي لا دافع لها إلا اللذة المحرمة !! فما شعورك حينما تجدين زوجك على شاشة الانترنت يكتب ويرسل ويتصفح ويتحدث ؟؟ آلا يخطر ببالك أنكِ كنتِ ممن كتب لها وأرسل إليها وربما أفصحت ِ عن اسراركِ وأنتِ من لا تعرفيه !!؟؟ هل يُسعدكِ أن تري زوجك فتشعرين بالعار وتأنيب الضمير وأنتِ تُخفين عنه شكوك ِ واهتماماتكِ له فعشتي حياة الكدر والهم والغم لوحدك ولا تجدين تفسيرا لذلك إلا أنه عقوبة الماضي وكفى !!
أخيتي الكريمة ....
بكل صراحةٍ لكي يكون الحبُ رومانسياً خيالياً يجب أن يموت أبطالُه محرومين أو أن تقفَ الفتاةُ أمام رغبةِ أهلها وقبيلتها بوجوب الزواج ممن تُحب ولو كلَّفها كل ما كان ويكون وهذا ما لا يستقيم عليه أمر الدنيا الذي يحتاج إلى تفكير عملي واقعي في بناء الأسرة ورعاية الأولاد وتكوين المجتمع والتعاون في مواجهة صعوبات الحياة ومشكلاتها ..
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه )
فيما أوثر عنه ...
( ما كل البيوت تُبنى على الحب ولكن َّ الناس يتعاشرون بالإسلام والحسب والمرؤة )
وفي الصحيح انه صلى الله عليه وسلم قال :
( كل معروف صدقة .. وفي بضع أحدكم صدقة !! قالوا يا رسول الله أياتي أحدنا شهوته ويكون له بها أجر ؟ قال أريتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر ؟ قالوا نعم قال فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر ) وهكذا ارتقى الإسلام بالاشباع الجنسي في فراش الزوجية إلى درجة أن يكون معروفاً وصدقة وأجراً وأن يذكر عليه اسم الله تعالى
أخيتي العزيزة ...
لا تقدُمي على أيِّ خطوةٍ بمجرد العاطفة والحب والعشق فمن متَّع نفسه بالحرام فإنَّه يُحرم من كمال لذة الحلال وتأملي كل تصرفاتكِ والعواقب المترتبة على دينكِ وأهلكِ وسمعتكِ وعرضكِ ونفسيتكِ ....
( الشات ) دهاليزُ الخبثِ والمكرِ والعهر والفضيحة فكم هم العابثون بالحرمات والشرف ..؟؟ ليجعلوا الفتاة قتيلة أو أسيرةً لا تلبث أنْ تموت مدفونةً وفيها روحُها في قبر الخزي والعارّ والهالك في الدنيا قبل الآخرة لأنها في نظرهم صيداً ظفروا به أو شهوةً تحققتْ قد حان التخلص منها في مشهد درماتيكيٍ طالما يتكرر ولا عبرة ولا عظة ..
أخيتي الكريمة ... أيتها الغالية ...
اعلمي أنِّكِ بحق مستهدفة من قبل فئات الشباب المنحرف السيء الذين يُخططون لاصطيادكِ وأنتِ ربما لا تعلمي ذلك فهناك كثير من الذين انعدم عندهم الخوف من الله وتبلد أحساسهم يكيدون لكِ كيداً ويجتمعون ويخُططون للظفر بكِ مهما كانت النتيجة وأخصُ بذلك مجموعات المشاركين في برامج المحدثات كالشات ....والماسنجر والبالتوك .... وغيرها من المحادثات الصوتية والمرئية ...
نعم ...... اقصد أولئك الذين يغلِّفون لكِ المكر والكيد والخديعة بغلاف الصداقة الحميمة ... والحب الطاهر بغلاف التسلية المؤدبة فقط أو بغلاف العواطف المريضة الممجوجة , أو بأي غلاف يسمونه نعم ... اتحدثُ لك عن الذين يصطادون في الماء العكرْ عديمي الاحساس عُبّاد الشهوة ولصوص الأعراض ... أقول ذلك وكلي ألمُ لحال الكثيرات ... من اللواتي أثرت فيهنَّ كلماتُ الذئاب فأصبحن يجرين ورائهم جري الضمآن خلف السراب من الفتيات الطيبات اللواتي دخلنَ بطيبة قلبٍ وحسن نية بل أرادت الدعوة فدُعيت ، حلمت بالتأثير فتأثرت ، اشتاقت إلى إصلاح الغير ففسدت ، وكأَّنها هي ومن تدعو كالتفاحة السليمة بين التفاح الفاسد لم يصلح بل فسدت كيف لا ! وتفاحةُ واحدةُ فاسدةُ قادرةُ على افساد الكثير من مثلها ألا تعلمي يافتاة الإسلام أنه يوجد في هذه الشات الخطيرة عصابات متخصصةُ في اصطيادكِ وإيقاعكِ وإغراقكِ في مستنقعات الرَّذيلة ؟ فهل أنتِ على علمٍ بهذا ؟ أم أنَّك واسمحي لي بهذه العبارة ساذجة .... ؟ لماذا هذه الثقة العمياء الصْمَّاء التي تولينها شاباً لا تعرفينه ولا تعلمي عن تاريخه وحياته شيئاً ؟ لماذا تنثري أوراقكِ له وكأنَّه أقرب الناس لكِ ؟؟ فأيُ عاقلة تفعل ذلك !!
أخيتي الغالية ..!!
إن كنتِ عازمة على دخول الشات فإليك هذه التوجيهات والوصايا .....
( لا تكثري أخية ... الدخول إلى الشات ولا تجعليه عادة لك وكوني أداة إصلاح وخير في الشات ومعينة على الخير دائماً وأبدا ولا تغرِّك بعض أسماء الغرف التي ظاهرها حب الاحترام والتقدير وداخلها البلاء والشر المستطير واحرصي على الغرف المفيدة كما لا تعطي للشباب مجالاً للحديث معك ولا مسايرتك وانتبهي لمكرهم المكشوف فهم يدخلون عليك أحياناً بسؤال عن معنى اسمك ربما أو إثارتك بكلمة أو حركة تجرُّك للحديث معك باسم التعارف أكثر وانتظري رسائل البريد الإلكتروني المصيدة الكبرى والمهلكة لكل فتاة ولكي تنجي من ذلك عليك باختيار الاسم وحاولي أن لا يدل على انوثتك حتى ترتاحي من كثرة المضايقات وكوني الفطنة اللبقة فلا تشاركي في افساد الشباب بكلامك اللين معهم لأن الكثير منهم يتأثر بذلك .
أخيتي الكريمة...
لا تجعلي من الشات سبباً لترك الصلاة أو تأخيرها عن وقتها .. كما لا تغضبي والديك بسببه وكوني قوية إرادة في أداء العبادات واحفظي الله دائماً يحفظك ويرعاك ويسدد خطاك ....
قبل الختام .. وبعد سنة من تاريخ الحادثة وتفاصيل القصة أرسلت ليِّ (غدير) عبر البريد الإلكتروني أنها التحقت بمدارس تحفيظ القرآن الكريم النسائية لتعايش جماناً صالحات يحملن أعظم كتاب وأجلِّ تشريع وأعظم نبراس ( القران الكريم ) تعلماً تلاوة وحفظاً قد تأدبن بآدابه وأخلاقه فلم يُسمع منهن لفظاً بذيئاً أو أسلوباً ساقطاً فهنَّ الصور المشرقة والنماذج المضيئة في حفظ الوقت وتنظيمه تقول (غدير) عن نفسها : وجدتُ بها الرفقة الصالحة اللواتي عرفتُ عنهم حب الخير للغير وإثراءِ روح التنافس .
عفواً .. أرجو منك أن تنشر هذه القصة بين أختين هما من أحب الناس لي في المدارس فيها العظة والعبرة أحببت أن أسميها ( لمياء وهند ) .. فإلى تفاصيلها ....
(لمياء) .. أخت هند الكبرى ولدتْ معاقةً وبالتحديد في قدميها أحبها والداها لكن محبة من نوعٍ آخر إنها محبة رحمةٍ وشفقةٍ لضعفها وعجزها فلئن فرحوا بها فقد أحزنهم ما ألَّم بها كيف ستعيش ؟؟ وماذا ستفعل ؟؟ في وقت أشرقت شمس حياتها على الدنيا مثلها مثل غيرها من بنات جنسها مضت الأيام والشهورُ بل الأعوامُ ومن حولها يمشي ليرمقَ الجميعُ في وجهها علامةَ الإستفهام ولكن بعد ثلاثة سنوات قرَّرَ والدها الحنون الكريم شراء (العربة) الخاصة بمن في حالها ومثلها ليبقى قضاء الحاجة من أهم الصعوبات التي تواجهها ولا داعي لتفاصيل مؤلمة للكاتب والقارئ والسامع لتأتي فكرة (الخادمة الخاصة) كحل رائع مناسب لتخفيف المشكلة لكن إلى متى ؟؟ بلغت (لمياء ) ست سنوات وكان من حقها دخول المدرسة فطالبتْ وبإصرار أن تلتحق مساءً بمدارس تحفيظ القرآن الكريم تنفيذاً لوصية معلمتها فوافق والدها وبكل سرور وفرحٍ بالغين وما هي إلا أيام وشهور وعام وأعوام فإذ بها تُصبح تالية كتاب الله لتعطر أسماع بيتها بكلام الله بصوتٍ شجيٍ نديٍ في وقت لم تتمالك أمُها من البكاء لما ترى وتسمع ..!!
(لمياء ) .. كانت ذكية .. لبقة .. هادئة الطباع بل مجدة في حفظ القرآن الكريم مع حداثة سنها وإعاقتها فلم تستسلم للحزن مطلقاً طيلة أعوامها الثلاثة عشر لتبلغ 23 سنة لتغرس المدرسة في نفسها الثقة وحب الخير للغير فهذه أخُتها الصغرى (هند) ذاتْ الإحدى وعشرين ربيعاً تُخطب للزواج فلما أخبرتها تهلل َ وجه أختها (لمياء) فرحاً واستبشاراً لي .. كيف لا !! .. وقد تربتْ على الخلق النبيل في إثراءِ روحِ المحبة الصادقة ليّ لتناديها قائلة ..
(هند أخيتي أقربي مني ) فقربتْ لتقبلها قبلةً مشوبةً بدموعٍ سبقت عباراتها ودعواتها لها بالتوفيق والنجاح .. وهي من تحمل الشخصية الفذة .. والإيمان الأقوى .. فهي من تملك القلب الكبير .. والوجه المشرق فهي الصبورة المطمئنة .. المبتسمة وكأن الإعاقةَ في جسمها لا في روحها وروحانيتها .. أتمتْ حفظ القرآن الكريم وشيئاً من الحديث النبوي ليأتي اليوم الموعودُ في زواجها فتتقدم بمساعدة خادمتها نحو منصة الحفل لتتلو آيات من كتاب الله بصوتها الندي الشجي فبكتْ وأبكتْ من حضر .. وارتجلتْ كلمة شكرت الله وأوصتْ الجميع بمعرفة نعمة الله عليهنَّ بالصحة والعافية داعيةً الجميع للمحافظة على الصلوات الخمس والسنن الراتبة وأنها البوابة الأولى للحياة السعيدة كما لم تنس الحث على وجوب الحجاب ومراقبة الله فيه والتلذذ به والفرح والأنس بالعافية كما أوصتْ من حضر بالاستفادة من وسائل العلم النافع من كتاب أو شريط أو مطوية في مشهد مؤثر ومبكي لتنادي (لمياء) فلةً رائعةً من الفتيات الصغيرات ليبدأن في صوت الزغاريد مكللةً بالدعاء ليِّ وللجميع بالتوفيق ليبدأ الفرح بالدف المشروع في احتفال رائع أروعُ منه المعاقة ، الأنموذج المضيء لمدارس تحفيظ القرآن الكريم النسائية ..
ختاما .. (لمياء ) .. تفاصيل حياتها تطول لكن أعطاها الله ما يُعطي غيرها من بني جنسها وإني لأرجو لها الزواج والإنجاب عاجلاً وقريباً ...
فدعوةٌ لكل فتاة أن لا تكل جهداً في أن تكون لؤلؤة من لألئ مدارس التحفيظ وغصناً من أغصانها الفواح وثمرةً من ثمارها اليانعة .. وياليتني كنت مثلها في حب القرآن الكريم لما وقعت في الخلل والزلل ...!!
نعم .. (ماتت غدير ) مرتين ..
الأولى .. يوم أن وقعتُ فريسةً سهلةً للشيطان وجنوده لكن غلبتهُ بالتوبة والإنابة لله وحده ..
والثانية .. وهي موتي وحياتي في آنٍ واحد لقد ماتت نفسي الآمرة بالسوء الداعية للفسوق والمعصية لتحيا نفساً أخرى مع كوكبةٍ ملتزمةٍ في مملكة مدارس تحفيظ القرآن النسائية صمام آمان الفتاة التي تريد ان تكون أماً صالحةً لقد نسيتُ ما قد سلف فمهما كان فإن الأيام الماضية لن تعود فقد رحلت بمرَّها ومرارتها لأعيش حياةً جديدةً بلا هموم وأحزان عاشها قلبي الملهوف فترةً من الزمن مع الشبكة العنكبوتية الأقنعة الزائفة والأيادي الماكرة الخبيثة أما الآن فأنا ارجوا رحمة ربي وأخاف من عذابه وأتلذذ بتلاوة كتابه واهتم بجروح عالمنا الإسلامي ... ا.هـ
--------------------------------------------------------------------------------
احصل على نسخة من الموضوع على ملف وورد
للتوزيع الخيري الاتصال على المؤلف :
جوال : 057778877
الصفحة الرئيسة | قصص مؤثرة